الاثنين، 15 يونيو 2015

حواضن الإرهاب في سوريا


ثائر الناشف

ثمة نظرية أمنية تقول ، عندما يغيب الأمن تحل الفوضى ، وعندما تشيع الفوضى ، يحل الإرهاب ضيفا ثقيلا على البيئات الاجتماعية المختلفة ، التي ترفضه للوهلة الأولى ولكنها ستضطر للقبول به اتقاء لشره . 

وبغض النظر عن مدى صحة هذه النظرية أو عدم صوابيتها ، يتفق الجميع في سوريا ، أن مصدر الإرهاب هو القمع والاستبداد الذي يمارسه نظام الأسد على الشعب السوري بأبشع الصور والأساليب ، وهو إرهاب ممنهج حاضنته أجهزة الدولة والأحزاب التي يسيطر منذ أمد بعيد ، فهو يمارس الإرهاب باسم الدولة التي كانت سابقة على استيلائه للسلطة ، مثلما تمارس الجماعات الإسلامية المتشددة إرهابها باسم الدين ، وباسم إحدى تياراته المذهبية . 
فالحاضنة الأولى التي أسس عليها نظام الأسد إرهابه ، تكريسه لواقع الطائفية السياسية في سوريا ، بعد أن كانت مقتصرة على حالتها المذهبية بصورتها السلمية التعايشية ، فتقسيم المجتمع السوري على أساس التمييز الطائفي ، جعل منه خنادق يتحصن بها كل من يؤيد النظام، بغض النظر عن انتمائه العرقي والعقدي ، ويمارس من خلالها القتل المستباح، دفاعا عن وجوده، وعن مكتسبات السلطة ومنافعها . 
أما الحاضنة الثانية التي ارتكز إليها نظام الأسد في تأسيس إرهابه ، كانت من خلال محاولاته العبثية بالتلاعب في صياغة الخطاب الديني وخلطه بالخطاب السياسي ، الأمر الذي أدى إلى نفور بعض التيارات الإسلامية من هذا التلاعب ، ودفعها صراحة للدخول في مواجهة مفتوحة معه ، أيا كانت نتائجها وأثمانها الباهظة، مثلما جرى في السبعينات والثمانينات . 
أما الحاضنة الثالثة التي دفع بها نظام الأسد ، فكانت من خلال إفراطه في استخدام القوة بشكل وحشي ضد الشعب السوري ، دون أي رادع قانوني ، في ظل انشغال القوى الكبرى في تصفية حساباتها الإقليمية على رقعة الشطرنج السورية . 
الحاضنة الرابعة ، تمثلت باستجلاب نظام الأسد ، لميليشيات الموت الإيرانية التي تعددت أسمائها واتفقت أهدافها على ممارسة القتل المجاني للشعب السوري ، وتدمير بنيته التحتية وتمزيق نسيجه الوطني ، من خلال إشاعة روح الطائفية وشعارتها البغضية التي حملتها إلى سوريا . 
الحاضنة الخامسة، كانت من خلال الفوضى التي أحدثها نظام الأسد، عبر أعمال القتل والتدمير والتخريب المستمر ، وقد كانت سببا كافيا لفتح أبواب سوريا لكل العابرين من وراء الحدود ، ليزيدوا في النار اشتعالا ، وليدفعوا بسوريا إلى غياهب المجهول ، وليكملوا ما لم يستطع نظام الأسد إكماله ، كنوع من الثأر والانتقام من الشعب السوري . 
أمام هذه الحواضن الخمس التي كرسها نظام الأسد في سوريا ، كأسباب ودوافع موجبة لاستيلاد الإرهاب في سوريا ، سيتأكد الجميع اليوم أو غدا ، أن الإرهاب لم يكن في يوم الأيام وليد الثورة السورية التي أبهرت العالم بشعاراتها السلمية ونزوعها العفوي تجاه التغيير والحرية ، ولا حتى وليد الجماعات المتشددة من تلقاء نفسها بسبب شيوع الفوضى ، بل كان بسبب نظام الأسد الذي استباح سوريا وجعلها حاضنة لإرهابه وإرهاب كل من هب ودب فيها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق