حالة كبيرة من القلق تنتاب الأوساط الإقليمية والدولية المحيطة بسوريا أو
تلك التي تتابع تطورات المشهد الدرامي وتداعياته المحتملة على مستقبل المنطقة .
فمع كل تقدم تحققه قوات الجبهة الجنوبية في درعا ، يزداد طوق الخناق على
نظام الأسد ، ويزداد القلق الإقليمي والدولي وتزداد تساؤلاته العميقة عن اليوم
التالي الذي سيعقب سقوط نظام الأسد وربما فراره إلى الساحل .
المعارك الدائرة في درعا ، بحسب العديد من المصادر الدولية المتابعة للمشهد
السوري بكل تفاصيله الدقيقة منذ سنوات ، بل والمنخرطة بشكل أو بآخر في رسم مآلات المشهد السوري خلال
الفترة الراهنة ، هي المعارك الفاصلة والحاسمة ، أكثر من تلك المعارك التي تشهدها
مدن الشمال السوري والتي تحولت المعارك فيها لمعارك استنزاف متبادل بين المليشيات
الأجنبية وقوات المعارضة بمختلف فصائلها .
وثمة أسباب سياسية وعسكرية عديدة تنذر باقتراب الخناق من عنق نظام الأسد ومن
أبرزها :
1- رفض نظام الأسد بدعم من حلفائه الإيرانيين والروس لأي صيغة مقترحة للحل
السياسي وتفضيله للخيار العسكري على حساب كل الخيارات الأخرى .
2- توفر مناخ عربي رافض للتدخل الإيراني في المنطقة العربية بدأ في اليمن
وبدأت تمتد تأثيراته النسبية نحو سوريا .
3- تغير معالم وملامح الجغرافيا السياسية للعديد من المدن والمقاطعات السورية
بسبب الحرب القائمة ، أنهى حالة التردد الكبير التي أصابت العديد من الأوساط
الدولية التي لم تستطيب فكرة سقوط نظام
الأسد إلا بنشوء ستاتيكو جديد .
4- الانهيارات الكبيرة التي تعرض لها نظام الأسد في جبهات الشمال السوري مؤخرا
.
5- انشغال قوات حزب الله في معارك جرود القلمون زاد من الضغط الكبير على
ميليشيات المرتزقة الأجانب ( المليشيات الطائفية ) في درعا إلى جانب قوات نظام
الأسد .
6-
انهاء حالة الشرذمة لقوات المعارضة من خلال اصطفاف كبرى الفصائل وتجمعها
في جبهات موحدة كما هو قائم في درعا من خلال قيادة عمليات الجبهة الجنوبية .
ولعل الشيء الأهم في التهيؤ الإقليمي والدولي لاقتراب المعارك من دمشق التي
كانت حتى الأمس خطاً أحمراً لا يجوز الاقتراب منه أو حتى مسه ، أنه بات مطمئنا بدرجة كبيرة إلى ماهية
قوات المعارضة في جنوب سوريا ( ثوار / جيش حر ) والتي أخذت على عاتقها شق الطريق
مباشرة نحو دمشق من خلال إطلاقها لعمليات عاصفة الجنوب .
قيادة الجبهة الجنوبية في درعا |
كل السيناريوات باتت مطروحة مع ازدياد الخناق على عنق رأس نظام الأسد ،
وخطة اليوم التالي أصبحت معدة من الآن لرسم ملامح سوريا الجديدة ، سواء كانت ذاهبة
نحو التقسيم المؤقت كما تشير وقائع العمليات الحربية على الأرض في شمال وسط وشمال
شرق سوريا ، أو كانت ذاهبة نحو التقسيم الدائم من خلال تثبيت خطوط التماس الراهنة
بجعلها خطوط تماس دائمة في وسط وشمال غرب سوريا .
الأمر الأكيد الذي لن تذهب إليه سوريا هو الحل السياسي رغم أنه لازال
مطروحا حتى الآن ، لكنه ككرة القدم التي تتقاذفها الأرجل في ملعب الدم والحرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق