ثائر الناشف
لم يشهد التاريخ القريب أو البعيد ، مأساة كبرى ، كتلك التي يعيشها الشعب
السوري منذ أربعة سنوات تحت جحيم نظام الأسد الفاشي ، هذا إذا أسقطنا من حساباتنا
السنوات الأربعين العجاف التي حكم فيها الأسد والابن سوريا ، كما لو كانت إقطاعية
مخابراتية أو مزرعة أمنية .
أطفال السنة ضحايا الصمت الدولي |
فالمحرقة بالمعنى القانوني ، قد تعني كماً هائلا من الجرائم والمجازر التي
ترتكبها عصابات منظمة ضد مجموعات بشرية مسالمة ، لكنها بالمعنى السياسي تبدو أكثر
شمولا من إطارها القانوني الضيق . فهي تشمل القتل الممنهج للبشر دون تفرقة بين
كبير أو صغير إضافة إلى التدمير العشوائي للمدن والقرى والبلدات ، ودفع السكان
الآمنين للتهجير القسري بظروف بالغة الصعوبة .
أطفال السنة يموتون من البرد القارس في مخيمات العار بلبنان |
ما يجري اليوم في سوريا منذ أربع سنوات ، لا يمكن وصفه بالاعتماد فقط على لغة الأرقام والوقائع والصور ، لأنه تعدى حدود الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمذهبي ، ووصل لمستويات في القتل والإجرام لم يصل لها طاغية أو مجرم عبر التاريخ .
هذا المستوى الخطير في القتل والإبادة والتطهير والتهجير ، الذي مارسه نظام
الأسد المتوحش بالتعاون من شركائه الإقليميين والدوليين والطائفيين ضد جموع الشعب
السوري ، تضعه في خانة أكبر وأخطر محرقة عرفتها البشرية في التاريخ .
إنها المحرقة السورية ، محرقة القرن التي لا تقبل الجدل أو الطعن أو الشك
في حقيقتها الساطعة في وضح النهار ، والصمت عنها يوازي الصمت عن أي جريمة ، والصمت
عن الجريمة يعني المشاركة بها .
براميل الموت تحصد أرواح أطفال السنة |
ليس هذا وحسب ، فالمحرقة السورية تعكس واقع الألم والمعاناة والمرارة التي
يعيشها السوريون اليوم في مخيمات البؤس والشقاء تحت موجات الصقيع والبرد القارص ،
تجعل من ينكرها بمثابة من يتنكر لإنسانيته ، وهو يرى بأم عينه الأطفال وهي تموت
تحت القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة أو بالجوع نتيجة الحصار الخانق أو بالبرد
القارص .
مجازر الشبيحة ضد أطفال السنة بحمص |
جرائم تصفية المعتقلين السنة في سجون الأسد |
توثيق هذه المحرقة التاريخية ، مسؤولية كبرى تقع على كاهل المدافعين عن
حقوق الإنسان ، وأصحاب الضمائر الحية في العالم ، وإيصال صوت وصورة ضحايا وشهداء
هذه المحرقة ، واجب أخلاقي وإنساني .
ولأن ذاكرة العالم ، تنسى بسرعة بسبب الأزمات المتلاحقة، فلا بد من تأريخ
المحرقة السورية ، حتى لا تندثر حقوق الشعب السوري مستقبلا ، وكيلا تفتح الباب
واسعا أمام طغاة آخرين ليمارسوا القتل والإجرام دون حسيب أو رقيب ، ولتكون شهادة
حية على وحشية نظام الأسد، وصمت العالم الذي لم يضع حدا لتلك الوحشية المفرطة ، بل
أطلق لها العنان لتقتل وتدمر وتهجر من خلال صمته المريب .
مجزرة الكيماوي ضد أطفال السنة بالغوطة |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق